حادثة ضرب السفينة الأمريكية الحربية "ليبرتي" مشهورة..
لقد قصف الطيران الإسرائيلي (بعد احتلال سيناء بثلاثة أيام) السفينة الأمريكية ليبرتي، والمزوَّدة بأجهزة للتجسس غاية في التقدم، وكانت في البحر الأبيض المتوسط، وذلك حتى يحول اليهود دون الكشف عن مخططهم في غزو الجولان، والذي لم تكن تعلم به أمريكا، وقد قُتل في هذا القصف أربعة وثلاثون بحارًا أمريكيًّا، وجُرح مائة وواحد وسبعون آخرون، وكان تحليق الطائرات الإسرائيلية فوق السفينة المنكوبة ست ساعات كاملة، واستمر القصف سبعين دقيقة، وبعد كل هذا اعتذرت الحكومة الإسرائيلية عن هذا "الخطأ"، وتم حفظ القضية!
لكن بعد هذه القصة بثلاثة عشر عامًا، استطاع أحد شهود العيان، وهو ضابط الاتصال بالسفينة ليبرتي، واسمه "إينس" أن يكشف الحقيقة في كتاب له، وبرهن فيه على أن الهجوم كان متعمدًا، وأنه كان حادث قتل واضح، ثم قام اللوبي الصهيوني في أمريكا بالسيطرة على الكتاب الخطير، لكن بعدها بقليل قام الأميرال توماس مور رئيس أركان حرب الأسلحة المشتركة سابقًا بتأكيد هذا الكلام بمقولة هي أشد خطورة، حيث قال: "إنه كان حادثة قتل، لكن الرئيس الأمريكي جونسون كان يخشى ردود فعل الناخبين اليهود!"، ثم أردف قائلاً: "إن الشعب الأمريكي كان يمكن أن يصبح مجنونًا إذا عرف ما يجري!! لقد تكتم الرئيس الأمريكي وقيادات الجيش والحكومة على هذه الفضيحة؛ طمعًا في أصوات الناخبين اليهود".
والأميرال توماس مور هذا يكشف موقفًا آخر حدث سنة 1973 عندما كان يشغل منصب رئيس أركان حرب القوات الأمريكية، فقد طلب منه موردخاي جور الملحق العسكري الإسرائيلي في واشنطن أن يسلم إسرائيل سربًا من الطائرات المسلحة بصاروخ جديد متطور جدًّا اسمه مافريك (Maverick)، ولكن توماس مور قال للملحق الإسرائيلي: إننا لا نستطيع تسليمكم هذا النوع من الطائرات والصواريخ، فليس لدينا سوى سرب واحد منها، وقد ناقشنا أمره قبل ذلك في الكونجرس، وقلنا إننا في أشد الحاجة إليه. فقال له موردخاي جور: "أعطني أنت الطائرات، أما الكونجرس فأنا كفيل به!".
وصدق موردخاي، فقد وافق الكونجرس، وذهب السرب الوحيد إلى إسرائيل!!
وفي حرب 1982 التي شنها اليهود على لبنان، طلب اليهود من أمريكا صفقة من القنابل العنقودية، ورفض وزير الدفاع الأمريكي لأن هذا يتعارض مع القانون الأمريكي الذي يمنع بيع هذا النوع من القنابل؛ لأنها تستخدم ضد المدنيين، لكن بعدها بأيام تسلَّم اليهود الصفقة بعد أن أقرّها الرئيس الأمريكي ريجان شخصيًّا!!
ولا يخفى علينا أن الاقتصاد الأمريكي مهما عانى، فإن ذلك لا يؤثر على المعونات الأمريكية لدولة إسرائيل..
ولقد حدثت أزمة مالية في أمريكا سنة 1984، وقدمت وزارة التجارة - إضافة إلى عدد من النقابات - تقارير إلى الكونجرس توضح فيه حجم المشكلة، وأوصت بتحديد علاقات التبادل التجاري مع بعض الدول في العالم منها إسرائيل، وذلك كي يخرج الأمريكان من الأزمة بسلام. وفي 3 أكتوبر سنة 1984 صوَّت الكونجرس بأغلبية أكثر من 98% على عدم تحديد أي تبادل تجاري بين إسرائيل وأمريكا!!
وليس الأمر مقصورًا بطبيعة الحال على سنة من السنوات، فالمعونة الأمريكية لإسرائيل متزايدة من عام إلى عام، بصرف النظر عن أي خفض للميزانية العامة الأمريكية، وإسرائيل بالطبع هي أكبر الدول تلقيًا للمعونة من أمريكا على مدار الخمسين سنة الماضية!
ناهيك عن الصورة السيئة لأمريكا في العالم بسبب التأييد السافر لإسرائيل، واستخدام الفيتو في مواقف مخزية تجعل صورة الأمريكان في غاية السوء أمام دول العالم أجمع.
إن كل هذه الملاحظات وغيرها يثبت - بما لا يدع مجالاً للشك - أن السبب وراء المساعدة الأمريكية لليهود ليس هو التقاء المصالح بقدر ما هو الضغط اليهودي المستمر على أمريكا، والذي يقود إلى خدمة إسرائيل حتى لو أدى ذلك إلى الإضرار بمصالح أمريكا.